المغرب من خلال الذاكرة

Publié le par Mital ZIYADI

أهم الحوادث بمنطقة آسفي
في سنة 1312 هـ إلى أواسط السنة بعدها كانت أوجاع وأمراض الجدري والسعال، مات به كثير من الصبيان، وانتقصت السكة، وعزل فيها كثير من العمال والوزراء والأمناء. وفي سنة 1314 هـ اتقدت النار بخط أزكان قرب آسفي حتى انتهت لتانسيفت، وأحرقت ما أتت عليه من الغرس والغابات وغير ذلك، وفي ليلة الاثنين رابع عشر صفر سنة 1316 هـ خسف القمر، وفي ثامن عشر ذي الحجة سنة 1317 هـ ورد الخبر بوقوع قضية غريبة بالجديدة، وهي أن رجلا جاء لأمنائها بكتاب مزور على السلطان يأمرهم فيه بدفع أربعة آلاف ريال معجلة له، فأدوا ذلك من غير تأمل، ثم لما انفصل عنهم تأملوا الكتاب فإذا هو مزور، فما وسعهم إلا أن أدوا ذلك من مالهم الخاص، ثم وقع البحث عنه فوجدوا ثلاثة من أهل مراكش، فوقع القبض على الكاتب وصاحب الطابع والثالث احترم بضريح سيدي محمد بن سليمان الجزولي، ولما رأى الفسحة فر، فقبض على مقدم الحومة في محله، وفي سنة 1318 كان الجراد منتشرا بناحية الحوز فأضر بالنبات والأشجار، وخرج الأمناء يوم الأحد ثالث ذي الحجة للوقوف على محق بيضه، وفي عشية يوم الثلاثاء خامس رمضان سنة 1319 نزل مطر غزير دخل السيل بسببه إلى آسفي من باب الشعبة، وذلك أنه نزل المطر بناحية امتلأت منه الشعاب والجنان المجاورة للبلد، وحبس الماء على سور خارج باب الشعبة حتى سقط السور المذكور ودخل الماء دفعة واحدة من باب الشعبة، وامتدت منه حتى بلغ ضريح سيدي عبد الرحمان، ودخل للحوانيت والدور القريبة من ممره ودخل المسجد الكبير وجاوز المرافع حتى قرب من السقف ودخل المدرسة التي على باب المسجد الكبير وبلغ على بابها، وجاوز الزاوية الناصرية وبلغ ضريح السيدة أم علي بدرب القوس، ولما بلغ باب البحر وجده مغلقا والخراجة ضيقة، فانحبس هناك وانتشر في الدور والحوانيت، والأماكن المجاورة لطريقه فأفسد ما فيها حتى انهدمت الديوانة التي في طريقه، فأخذ يتسرب وينقص شيئا فشيئا في الساعة العاشرة ليلا وامتدت الأيدي إلى النهب والاختلاس إلا من حفظ متاعه بالوقوف عليه، وقد رأيت مبيضة كتاب موجه للحضرة العزيزية معلما بهذا الحادث وطالبا الإعانة للمنكوبين من بيت المال على وجه السلف بخط الفقيه أبي العباس أحمد بن علي الصويري رحمه الله[1] نص المقصود منه: إن الخديم كان أنهى للعلم الشريف خبر السيل الذي سال بمحروس ثغر آسفي، ولم يكن إذ ذاك تحقق له الواقع على وجهه، لأنه أذهل الأذهان وشغل البيان، وقد تحقق أمره الآن فتعين الإعلام بحوادثه العظام، فإنه عشية النهار قد أقبل يملأ السهل والجبل، فعفى من البلد بعض آثارها، وهد بعض أسوارها، واحتمل ديوانة المرسى وبعض الحوانيت من السوق وألصق بالأرض جدرانها، وفاض الماء حتى على الأموال فأغرقها، مات فيها من الخلق ما يقرب المائتين من أهل البلد وغيرهم، ودفنت الحوانيت بالحجارة والرمال، وقلع جل مصاريعها، واكتسح ما فيها واضمحلت نعمة أربابها، ودخل لبعض الدور فأفسد القماش والزروع، وأتلف الموجود، فصار الناس لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ولا يحكمون تدبيرا، ولا يملكون قليلا ولا كثيرا، وعجزوا حتى عن إصلاحها ولا من يرقع خرقهم ويسد ثلمتهم إلا اللجوء إلى الله ثم إلى باب سيدنا المنصور بالله، وقد لجئوا إلى ظل إحسان مولانا، وصرفوا أوجه قصدهم إليه، وطلبوا من الخديم استعطاف الخواطر الشريفة في الإنعام عليهم بما يجبر كسرهم ويرقع خرقهم، والمحترفون بالبيع والشراء يطلبون تسليمهم من بيت المال عمره الله ما يقيمون به حرفتهم، وكل واحد يشهد عليه ما حاز، يؤدي كل سنة ربعه، وفي خامس عشر رمضان 1319 هـ ولسببه اشترى الجنان أمام باب الشعبة وخط به الوادي المار للبحر، ثم تم إصلاحه بعد كما سيأتي، وفي سنة 1322 هـ نزل مطر غزير حول آسفي بعد حر شديد فدخل السيل لآسفي ودخل ماؤه لبعض الحوانيت المنحدرة الأبواب ولم يكن به بأس، وفي ليلة الخامس والعشرين من صفر من العام المذكور وقعت زلزلة اضطربت منها الأبنية والسقوف وفر الناس من تحت البناءات خوف سقوطها، ولكن الله سلم. وفي يوم الأربعاء الثامن والعشرين من جمادى الثانية عام 1323 كسفت الشمس، وفي هذه السنة، أعني سنة 1323 هـ لم ينزل من المطر ما يكفي فكان الغلاء والقحط وارتفعت الأسعار وقل الحياء من الناس، فكانوا ينهبون ويسرقون متاع بعضهم بعضا ولو كان صاحبه ينظر إليه، ومات بالجوع كثير من الناس وضاعت البهائم والدواب، وصدر الأمر العزيز بجمع الفقراء في الفنادق وأمر الأغنياء بالقيام بمئونتهم، ورحل الناس من الحوز إلى الغرب وتسمى هذه السنة بعام الغبراء، واستمر الحال كذلك في السنة التي بعدها وفي سنة 1325 كان الخصب بالمغرب وانتعش أمر الناس، وفي الثامن والعشرين من جمادى الأولى عام 1326 هـ بعد زوال يومه بأربع ساعات و35 دقيقة كسفت الشمس كسوفا جزئيا وسطه في الخامسة وخمسة وأربعين دقيقة وآخره تقريبا الساعة السادسة وخمسة وثلاثين دقيقة، وقد انكسفت في ثمانية أجزاء ونصف جزء من اثني عشر جزءا، وفي يوم الأحد حادي عشر رجب عامه قبيل الغروب وقعت بآسفي زلزلة، وفي نحو منتصف ليلة الأربعاء الموالي هب ريح عاصفة اهتزت له الأبنية ومصاريع الأبواب اهتزازا هائلا خشي الناس منها السقوط، وأخبر بعضهم أنه صحبته زلزلة، وفي هذه السنة كان الجراد منتشرا بهذه الناحية أكل الزرع والأشجار، وبعد غروب يوم الخميس ثاني محرم سنة 1328 هـ ظهر النجم ذو الذنب وصار يطلع نحو ست ليل، ثم صار يضمحل شيئا فشيئا إلى أن لم يبق له أثر، وهم سبعة نجوم تحت الشمس إذا بعدت الشمس عن واحد منها ظهر، وإذا قربت منه غبر، وفي سنة 1329 هـ كان الطاعون منتشرا بدكالة، فكان يظهر في الناس نقط وبترات تحت الآباط وغيرها من المرافق، فيموت صاحبه، ويعرف عند الناس بأبي طابق، وقد مات منه خلق كثير، ثم دخل منه يسير لعبدة وآسفي وفي هذه السنة كان الموت بآسفي بالحمر في الساق فقط، وفي سنة إحدى وثلاثين كان الجراد منتشرا بنواحي آسفي حتى ولج الديار، وفي ليلة الخامس عشر من رمضان سنة 1335 هـ كان خسوف القمر، وبعد شروق شمس يوم الجمعة ثامن رمضان سنة 1337 هـ نزل مطر كثير معه برد كالحجر دخل السيل بسببه لآسفي ودخل الحوانيت المنحدرة، لكن خفف وطأته الوادي، وفي ثاني عشر ربيع الأول منه نزل مطر غزير يتقدمه ريح عاصفة، ورمى البحر بمركب إلى البر حول ضريح أبي زكرياء، وفي ليلة الخميس 23 منه نزل مطر غزير ودخل السيل لآسفي، لكنه خفيف الوطأة وتكلم رعد قاصف قرب الفجر بصفة هائلة استيقظ الناس من أجله فزعين مذعورين، ومرض الناس بسبب هوله، وحدث ذوو الأسنان (المسنون) أنهم لم يسمعوا مثله هولا وفظاعة وفي ليلة الاثنين تاسع عشر ربيع الأول 1337 على الساعة السابعة وقعت زلزلة اهتزت لها الأرض والأبنية، وفي الثانية عشرة من ليلة الاثنين الثاني والعشرين من جمادى الأولى سنة 1346 هـ ابتدأ نزول المطر بآسفي فلم يزل يزداد المطر حتى اجتمعت منه السيول وانسد الوادي ودخل السيل للمدينة من باب الشعبة، وأقلع مصاريع الحوانيت وولج الدور القريبة منه، وأتلف السلع والأثاث، ودخل للمسجد الكبير والمدرسة أمامه والزاوية الناصرية، ولم تقم الصلاة بالمسجد إلا يوم الأحد تاسع جمادى الثانية، ومات به ناس من الغرباء وكان الحادث عظيما والمنظر فظيعا، وكانت السيول في كثير من آفاق المغرب ومن أجل هذا السيل التفت رجال الأشغال البلدية إلى حفر الوادي والزيادة فيه حتى اتسع وأمن أهل آسفي من حوادثه الفظيعة التي


[1] - اعتمد المؤلف على مبيضة بيت المال بخط الفقيه بن علي الصويري فيما يخص الحوادث التي وقعت بآسفي سنة 1319 ، كالسيل الذي أغرق معالم المدينة.

Publié dans Revue KASBAH

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
A
bonjour, bon continuation pour le site
Répondre