لكي لا تنسي يا قدس، يا كل فلسطين.. أبناءك المغاربة، وحيهم... حي المغاربة

Publié le par Mital ZIYADI

 

------------.jpg

 

 

لقد خص أهل القدس المغاربة دون سواهم بإطلاق اسمهم على حي ملاصق للحرم الشريف في بيت المقدس (حي المغاربة)، وبابه من أهم أبواب الحرم وأقدمها ، لقد قد كان يسمى أيضا "باب النبي" حيث اختاره الرسول المعظم   ليعبر منه إلى الحرم المقدسي في إسراءه ومعراجه . 


                                             عيوننا إليك ترحل كل يوم  ..
قديما رحل إليك أسلافنا، حاجين، فاتحين، ناصرين منصورين.. أما نحن،  فعيوننا إليك ترحل كل يوم..

كانت القدس عبر التاريخ مقصدا للمغاربة و محطا لشوقهم وترحالهم واهتمامهم ، متأثرين بمكانتها الدينية المعروفة، لذا فقد أصبحت مذ دخل الإسلام المغرب مقاما للكثيرين من العلماء والوجوه والزهاد والصوفيين المغاربة الذين فرضوا وجودهم ومكانتهم على المكان ، بل غدت المدينة أرضا يصبوا الكثيرون منهم إلى العيش فيها لمجاورة الحرم الشريف بقية عمرهم إلى أن يلقوا وجه بارئهم فيدفنوا فيها. وإذا كان يتعذر الإلمام بهم جميعهم فمن المفيد أن يشار إلى بعضهم ، مثل:
- سيدي صالح حرازم الذي عاش في القدس مدة من الزمان، وعاد إلى المغرب ليتوفي بمدينة فاس أواسط القرن السادس.
-  والشيخ المقري التلمساني صاحب كتاب "نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب" .
- و أبو حمد عبد الله بن الوليد الأنصاري (ت 386 هـ ) وكان إمام المالكية في عصره وقد قضى بقية عمره فيها بانتظار أن يدفن في ثراها.
-  والشيخ خليفة بن مسعود المغربي المالكي ( ت 784 هـ ) وهو واحد من أعلام الصوفية المغاربة وعرفت طريقته بالطريقة الشيبانية ، وقد نال مرتبة كبيرة وتبجيلا لدى أهل المدينة وغدا مقصدا للزائرين .
-  كما حل بالقدس أيضا الصوفي المعروف أبو العباس احمد المرسي الذي أتاها بعد أن عرج في طريقه على الاسكندرية ونشر فيها طريقته ولازالت الطريقة المرسية مشهورة هناك .
-  وأبو مدين شعيب بن الحسين ( ت594 هـ ) وكان معلم الصوفي الشهير ابن عربي والذي أقام أحفاده لهم زاوية قرب باب السلسلة من الحرم القدسي
سكن المغاربة إذن  بجوار الجدار الغربي للمربع القدسي، وطوله اليوم 920مترا وعلوه 15 مترا، وعرضه متران، بناها المغاربة بأموالهم، وهي أوقاف المغاربة في العصر المريني، وقد كان صلاح الدين الأيوبي هو من وقف هذه الأرض للمغاربة وأسكنهم عند الحائط الغربي، وقد كان هذا كرما منه للمغاربة بعد معركة "حطين"، بعد استرداد المسجد الأقصى سنة 583هـ، إذ تمسك بهم وأسكنهم في هذا المكان من غرب المسجد الأقصى، وقد سأله بعض حاشيته وقادته لماذا تفعل هذا، فقال: " أسكنت بالبطن اللين (السهل المنبسط) بالمكمن الخطر على القدس، من جهة قد يصل الصليبيون إليها بمراكبهم من الشاطئ الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، أسكنت من يفتكون في البحر ويفتكون في البر، أسكنت المغاربة... لا أستأمن أضعف نقطة في بيت المقدس إلا أهل المغرب..."
لقد ساهم المغاربة في إعادة بناء السور في عهد صلاح الدين الأيوبي، ثم أعادوا بناءه في العهد العثماني -الموافق للعصر المريني – بأموالهم وأوقافهم، وأول وأكبر وقف هو الذي أوقفه من ماله الخاص الشيخ أبو مدين الغوت المغربي، دفين تلمسان، وكتب في وثيقة الوقف المطولة: "هذا ما أوقفه فلان بن فلان على مجاهدي المغرب ومرابطي المغرب وطلبة المغرب وعلماء المغرب والحجاج المغاربة الزائرين العابرين..."، كما أوقف قرية "عين كارم" حيث جاء في وثيقة الوقف "أوقفها بأموالها ومياهها وآبارها وسواقيها وسهلها ووعرها ومبانيها وقفا لله، يصرف للسابلة المارين والمنقطعين للعلم والجهاد، المرابطين على وصية صلاح الدين الأيوبي"
                                  لأجلك يا بهية المساكن يا زهرة  المدائن..   
يقدر المؤرخون أن بداية إقامة المغاربة ببيت المقدس تعود إلى عام 909 ميلادية الموافق 296 هـ . 
لم يكن الدافع الوحيد الذي أتى بأجدادنا المغاربة إلى القدس مجاورة الأقصى، أو مكانتها الدينية أو الحج فقط دافعهم للتوجه إلى بيت المقدس، بل كان هناك دافع عظيم آخر هو الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المدينة والذود عنها خلال الحروب الصليبية، وقد تطوع الكثيرون من المغاربة، والتحقوا بجيوش نور الدين وأبلوا من البلاء الحسن ما رفع مكانتهم وسما بها ، واستمروا على عهدهم في زمن صلاح الدين الأيوبي إلى أن اكتمل النصر وتم تحرير القدس من الصليبيين .

اختار المغاربة ، بعد تحرير المدينة، أقرب مكان من المسجد الأقصى ليستقروا فيه ، وكان في الركن الجنوبي الغربي لحائط الحرم الشريف .. وعرفانا منه بدورهم وبلائهم الحسن في تحرير المدينة، أوقف الملك الأفضل ابن صلاح الدين الأيوبي هذه البقعة عليهم سنة 1193 ميلادية ، وهي ذات السنة التي أسلم فيها صلاح الدين الأيوبي روحه إلى بارئها بعد خمس سنوات على فتح المدينة . سمي ذلك الحي الذي تمركز فيه المغاربة وأوقف عليهم ب "حي المغاربة" ، وكان يضم بين جنباته إلى جانب المنازل ، مرافق عديدة لخدمة آهليه ، ومدرسة بناها لهم الملك الأفضل سميت "المدرسة الأفضلية" نسبة إليه ، وقد عملوا مذ ذاك على صيانة وحراسة حائط البراق ( الذي تحول اسمه في عهد الاحتلال الصهيوني إلى حائط المبكى ) كما عملوا على تنمية وقفهم واقتناء عقارات جديدة مجاورة ، وحبسها صدقات جارية ، ولعل من أشهر من قاموا بذلك العالم أبو مدين شعيب تلميذ الشيخ سيدي صالح حرازم الذي حبس مكانين كانا رهن تصرفه ، أحدهما قرية لا تزال موجودة إلى يومنا هذا واسمها عين كارم بضواحي القدس ، والآخر إيوان ويقع داخل المدينة العتيقة ويحده شرقا حائط البراق .

 

                                         و استشهد السلام في وطن السلام...
 ظلت تلك الأوقاف محفوظة محط احترام أهلها واهتمام كل من أنيط به حكم تلك البلاد حتى اجتاحها الصهاينة عام 1967 وأرادوا أن يعجلوا بالانتقام من الجالية المغربية التي لم تتوان يوما عن حماية تلك المقدسات، فما أن دخلوا القدس في 5 يونيو حتى أقدموا في العاشر منه على طرد سكان حي المغاربة ليهدموه بالكامل ، ويسووه بالأرض ، وكان به حوالي 531 منزلا سكنيا، ومسجدين ومدرسة . وشردت أهالي الحي المكتظ، الذين قدر عددهم آنذاك بقرابة 3500 بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وقد دفن عدد منهم تحت الأنقاض، لأن سلطات الاحتلال أمهلتهم نصف ساعة فقط حتى يخلوا بيوتهم.
 تحول منذ ذلك التاريخ حي المغاربة إلى ساحة يدنسونها بأقدامهم كل يوم تقابل حائط البراق، بعد أن هدم مع الحي وللأسف جامع البراق وجامع المغاربة والمدرسة الأفضلية التي كان يدرس فيها الفقه المالكي، وزاوية أبي مدين والزاوية الفخرية ومقام الشيخ .
                                                   حين هوت مدينة القدس..
                                       تراجع الحب وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب..
هكذا ، خلال أيام معدودة أزالت إسرائيل تاريخا امتد ثمانية قرون ، شهد على تعلق أهلنا ومحبتهم لبيت المقدس الذي هبوا في يوم للدفاع عنه ولنصرته ضد الصليبيين ، فقدر لهم جميلهم وحفظه لهم واحتفى بهم إلى أن جاء تتار العصر فلم يتركوا من آثارهم سوى باب المغاربة الذي بدأوا مؤخرا في التحرش به وفي النيل منه أمام صمت مريب من  طرف المسلمين أجمعين.
استولى إذن  الصهاينة على حي المغاربة ودمروه، وحولوه إلى ساحة باسم ساحة المبكى، في إطار سعيهم لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك، وتغيير المعالم الإسلامية في القدس والأقصى، ولم يكن عرض هذه الساحة قبل الهدم على أربعة أمتار، أما بعد هدم الحارة فقد صارت مساحتها آلاف الأمتار.
                                           لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي..
استولى الاستعمار الصهيوني على حي المغاربة، خاصة وأنه يشرف على حائط البراق الشهير في المسجد الأقصى المبارك والذي يدعون أنه جزء من الجدار الغربي لمعبدهم/ هيكلهم المزعوم. ثم دمروا المنطقة تماما، وسووها بالأرض، وحولوها إلى ساحة باسم ساحة المبكى، في إطار سعيهم لتهويد محيط المسجد الأقصى المبارك، وتغيير المعالم الإسلامية في القدس والأقصى. 

كما منعوا المسلمين منذ ذلك الحين من الوصول إلى حائطهم العزيز، منعوهم من استخدام باب المغاربة، حيث صادر الاسرائيليون مفاتيح هذا الباب التاريخي الذي يجاور موضع الصلاة الرئيسي في المسجد الأقصى المبارك منذ بدء عام 67, وباتوا يستخدمونه فقط لإدخال اليهود والسياح من غير المسلمين إلى المسجد المبارك، وأيضا لاقتحام المسجد من قبل الشرطة والقوات الخاصة وحرس الحدود أثناء الاضطرابات.
                             بأيدينا سنعيد بهاء القدس.. 
                               بأيدينا للقدس سلام..
                                     للقدس سلام..

 

Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article